16‏/08‏/2011

معاك فكة ؟

سؤال يتردد كثيرا فى عربات الميكروباس، ولانى من ركابها فدوما احرص على وجود فكه فى حقيبتى قبل الركوب حتى لااتعرض لزمجرة السائق فى حال دفع الاجره وطلب الباقى منه...عندها قد يصيح قائلا:معيش فكه..دى اول اصطباحه او يقول:اصبرى يا حاجه هيجبلك منين وكأنى المدام تطلب منه مصروف البيت
لذا فوجود فكه فى جيبى يحافظ على اعصاب السائق ولا يكدر صفوه فيكدر صفونا بدك عظامنا مع كل مطب اسفل عجلات السيارة وهو نوع من العقاب للراكب الذى يتطاول ويطلب الباقى
لكن من اين جاءت كلمه فكه لابد ان اصلها جاء من التفكك وهو تحول الوحده الى جزيئات صغيره ومنها التفكك الاسرى، التفكك النووى والتفكك الدولى - وعلى صعيد الاحداث الواقعه فى مصر منذ 25 يناير وتعالى الاراء وتصادمها ونشوء صراعات بين القوى السياسيه وازمه الفتنه الطائفيه،فقد استوقفنى التفكير عند جمله التفكك الدولى...وتسائلت ماهى عوامل التى تؤدى الى تفكك الدول المتحده اوحدوث تفكك فى جسم الدوله الواحد؟ وعلى النقيض ماهى عوامل اتحادها  ؟
ولنأخذ مثالا...دوله يوجسلافيا التى تتباين فيها العرقيات والديانات والثقافات فى ست جمهوريات هم 
جمهوريه الصرب ،البوسنه ،الهرسك ،جمهوريه كرواتيا ،سلوفينيا،مقدونيا وجمهوريه مونت نجرو (الجبل الاسود) وقد اجتمعت هذة الجمهوريات على كل اختلافاتها التى ذكرناها تحت قياده الزعيم جوزيب بروز تيتو وهوما يطلق عليه الزعيم الاسطورى الذى تصدى للزعيم النازى هتلر،وآمن ان يوجسلافيا وطن يمكن ان تذوب فى بوتقته جميع القوميات والعرقيات والديانات  وتحقق ما آمن به تيتو فى عهده وما ان مات  حتى انفرط عقد الوطن بالصراع .... الصرب ضد السلوفينيين والكروات ثم معركة فى البوسنه والهرسك بين الحكوميه المركزيه فى بلجراد والحكومة المحليه فى سراييفو ثم معركة بين صرب البوسنه ومسلمى البوسنه   
الا ان اجريت الجراحه الجغرافيه ببتر كل عضو بعيدا عن الجسد  الواحد حتى تمزقت اوصاله 
حدث هذا فى دوله كانت قائمه على تباينات مختلفه وعرقيات متعدده اما دوله مثل السودان تتلاقى فى الكثير وتتمايز فى القليل فقد تم اقتسامها الى شمالا وجنوبا ولم تشفع الاصول الواحده والتاريخ المشترك الى ابناء الام الواحده!
 واذا تركنا جانب التفكك وذهبنا الى جانب التوحد  وجدنا دوله حديثه العهد فى التاريخ قد اجتمعت ولايتها تحت علم واحد لتسود العالم رغم انها مزيج من اعراق وثقافات اتت من كل حدب وصوب لاهثه وراء العمل والكسب فى ارض العم سام
ناهيك عن التكتلات الاقتصاديه التى ترفع شعار اليورو اولا  اقصد الاتحاد الاوربى،فعامل الاقتصاد وحده كفيل لقيام تحالف واتحاد بين الدول
ولنعد للتاريخ علنا نجد فيه ما يساعدنا على استقراء الواقع والمستقبل ايضا استنادا الى عباره  التاريخ يعيد نفسه ورغم ذلك فان المستقبل دائما يفاجئك بالجديد لان التاريخ لديه سيناريوهات كثيره لمصارع الامم والحضارات فانت تجهل على اى سيناريو سوف يعيد التاريخ نفسه !
 حاولت الاجابه بنفسى على السؤال- ولايعود هذا لكونى محلله سياسيه فانا على مسافه ليست بالقريبه ولا بالبعيده من السياسه وانما يعود لطول بقائى فى سياره الميكروباس على محور 26 يوليو حيث اختناق المرور وتعطل حركه السير يمنحك متسعا من الوقت لتجول بخواطرك هنا وهناك وتطلق العنان لخيالك اما جسدك ..فأسير فى السياره الى ما شاء الله
 الاجابه..ان العوامل التى نتحدث عنها لاتحكم بقانون نمطى تلتزم بالمسير عليه،لايلزمنا اتصال عرقى او تتطابق فكرى لنتوحد رغم ان وجودهما ييسر الامر ولكن المصالح  والاهداف والاحلام  المشتركه هى التى توحد او تفرق- والزعامه او القيادة التى تتبنى  ما سبق هى التى تنجز، فوجود الزعيم تيتو هو الذى حافظ على وحده يوجسلافيا  ووجود عبد الناصر الزعيم العربى الذى نفخ الروح فى القوميه العربيه لتصبح كيانا مؤثر،  والزعامه لايشترط ان يمثلها شخص واحد له من الحكمه ما يمكنه من القياده وله من الجاذبيه ما يحبب فيه شعبه ولكن يمكن ان تتمثل فى المؤساسات التى تنتخبها الدول وتحترم قيادتها وقراراتها والتى تضع على رأسها من يسير وفق سياستها المرسومه


وان اكثر ما اخشاه على الثوره المصريه التى لم يقودها احد ان تبقى طويلا بدون زعامه تتوحد تحتها جميع الكيانات السياسه  وتضع للجميع  خطا احمر يمثل مصلحه الوطن لا يجز تخطيه ولنختلف ولنتفق تحته


حدثت انفراجه فى المرور وانطلق الميكروباس كوحش افلت لجامه من الاختناق واندفع الهواء من النافذه التى اجلس بجوارها بقوة شديدة تضامنا مع حركه السياره حتى كاد يقتلع راسى من جسدى ولكننى تحملته حيث كان الحر يفككنى اثناء توقف العربه وخاصه اننا فى قلب شهر اغسطس
أخيرا... الوحده قد ينتج عنها احتكاكات وصراعات داخل اطارها
 والتفكك يؤدى الى صراعات وحروب، لكن صراع الحاله الاولى مقدور عليه ومحتوى فى المجموع اما صراع الحاله الثانيه فهو وحش يبتلع الجميع