22‏/02‏/2013


هناك أزمه
................
وقفت انظف سمك المكرونه الصغير  على حوض المطبخ  لاعد الطعام وكلما شققت بطن سمكه وجدت بداخلها سمكه تكاد تماثلها فى الحجم ، مامن سمكه افتح بطنها الا وأجد فيها أخرى ....قلت سبحان الله  الرزاق،  مامن دابه فى الارض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها .... فلماذا نخشى الفقر ونحمل هم  رزق الغد ..... خواطر راودتنى وانا استمع لكبار المحللين الاقتصاديين وهم يقولون ليل نهار هناك أزمه وشيكه ستحدث ...ازمه عيش ....ازمه سولار .... ازمه فى الطاقه .....ازمه .....ازمه ....ازمه ...ولكن أتعرفون أن  الازمه الحقيقه  هى فى التقوى كما قال الله تعالى لو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم ابواب السماء والارض ....فلنتق الله حتى تمتلأ بطوننا مثل هذه الاسماك التى كنت انظفها 

عصا الاستاذ حامد


كانت أول رساله غرام تلقيتها فى حياتى ، لذلك هى حيه ترزق فى الذاكره ولكن فى ركن الذكريات الحزينه ...لما ؟ هذا ما اود ان أرويه لكم، ولكن قبل ان أبدا ....لابد ان احدثكم اولا عن الاستاذ حامد مدرس الالعاب بالمدرسه الابتدائيه المشتركه التى كنت فيها وانا صغيره ،
هو رجل قوى البنيه له عينى ذئب ووجه نمر وفم تنين يخرج لهبا من النار كلما استشاط غضبا ، لا ترى يده الا وفى قبضتها العصا الغليظه التى يتدلى من أحد طرفيها جلده رفيعه يلفها الاستاذ ويطوحها فى الهواء عده مرات قبل ان تهوى على جسد صاحب الحظ البائس، وما ان ترتفع يده لاعلى بالعصا والا وترتفع قلوبنا معها الى الحناجرويتجمد الدم فى الجسد فى انتظار صفعتها ....
يقوم الاستاذ حامد بعمل عرضه المحبب فى المدرسه ، مطاردا أيانا عبر ممر الفصول وهو يطوح بالعصا فى هياج ثور حلبه المصارعه ....حتى يسلمنا حائط نهايه الممر له ، ويضع حدا للمطارده، فيقبل الاستاذ نحو الفريسه متلذذا بمنظر الرعب فى عينيها قبل ان ينهال ضربا على الجسد ....عرفتم من هو الاستاذ حامد ؟؟ ومن سمع ليس كمن رأى !!

ولانى كنت صبيه هادئه أنفذ الاوامر ولا اخالف تعليمات المدرسه باى شكل من الاشكال فقد أطمأننت أنى سأكون بمأمن من عصا الاستاذ حامد ...الا أن جاء اليوم الموعود ......

الالفه على الفصل، هو التلميذ المتفوق دراسيا على أقرانه ،وكنت اتقاسم هذا اللقب مع صفاء وهى زميلتى التى تتعادل معى فى التفوق الدراسى وتتفوق عنى كثيرا فى الجمال ، وكانت الهدايا المرفقه بالحلوى والتى يشتريها الاولاد من كانتين المدرسه من الامتيازات التى نحصل أنا وهى عليها، من وراء هذا اللقب بالاضافه الى أعجابهم وأعجاب المدرسين،

حيث كان الاولاد يشترون الحلوى فيأكلوها ويعطونا نحن الهدايا وكانت عباره عن توك للشعر او اشكال بلاستيك على هيئه سمكه أو هلال أو خمسه وخميسه ...الخ وكان لصفاء الحظ الاوفر من هدايا الاولاد لجمالها .
وكنا نجمع الهدايا تلك فى علب الكبريت الفارغه بالبيت ولحسن الحظ أنتقلت صفاء من فصلى الى فصل آخر لخلاف حدث بين ولى امرها وابله الفصل . لذا آلت كل هدايا الحلوى لى ، فارتفعت أرصدتى فى علب الكبريت .
وفى يوم غابت أبله الفصل فانضممنا الى فصل آخر وبينما أجلس على الدكه بين البنات أقرانى ، جائنى احد الاولاد واعطانى ورقه صغيره مطويه وقال لى أنها من ولد آخر معى فى فصلى ، فقرأتها وكانت أشبه بالرساله المشفره ، مكتوبه كالاتى : خالد ..عبير... بيحب ، عبير .... خالد ....حب ...تشبه كثيرا تمارين الواجب مثل اعد ترتيب الكلمات ....لم أفهم وتركت الورقه ....لا اعلم اين ، عندما سمعت جرس الفسحه ، أسرعت للعلب والاكل ، وعندما رن ثانيه يعلن عن نهايتها ، دخلت الفصل وبعد برهه ..رأيت صبيه يرتدون زى الحكم الذاتى يسألون عنى _ وهم أولاد تكلفهم اداره المدرسه بمتابعه النظام فى الفصول وغالبا يكونوا من الصف الخامس او السادس الابتدائى بينما كنت انا فى الصف الثالث ، فلما أجابتهم الابله اننى موجوده طلبوا منى أن اذهب معهم الى من؟؟؟؟؟......
......
........

.........
..... 
...........
...........
.............
......
.....
الى الاستاذ حامد ..

أصطحبونى اليه وكأنما اساق الى الموت ، وعندما وصلت الى حيث يقف فى نهايه طرقه الطابق الثانى ، وجدت خالد صاحب الرساله واقف هناك والاستاذ يرعد ويزبد متهيئا لصيد جديد ، ثم أمرنى انا وخالد ان نتبعه فى هبوط السلم لكنه كان يتعجل الصيد فلم يطق صبرا حتى نصل لنهايته فاذا به يلتف بكلتا جسده الينا عند البسطه بين قلبتى الدرج ويرفع العصا لاعلى ، فاغمضت عينى وسافرت فى غيبوبه هلع وذهول ولم أدر هل هوى بالعصا على ام لا...ولم افق من الغيبوبه ....الا على صراخ خالد وقد رايته ساقطا على الارض يحرك رجليه فى تخبط الذبيحه من شده الالم فعاجله الاستاذ بركله فى أسته وهو يقول قوم ياأبن الل....

تحامل الولد على ساقيه وسار وهو يكاد يسقط كاتما نشيجه فى حلقه الى ان دخلنا مكتب الناظره ...وهناك تحدث اليها الاستاذ حامد فى الامر ودار حوار بينهما ثم نظرت الى وقالت روحى على فصلك ، ثم قالت لخالد أبقى انت .
فى اليوم التالى كنت فى الفصل استمع لشرح الدرس من الابله فى حين اقبلت زميلتها ابله الفصل الذى ضمتنا اليها امس ، تطمئن عليها وتسال عن سبب غيابها ثم قالت أرأيت ما فعل الاستاذ حامد بتلمذين من عندك؟ ولم تنتظر حتى تسألها الثانيه ، اذ أردفت السؤال بأجابته دون فاصل قائله : الحكم الذاتى ضبط ورقه ملقاه على ارض الفصل أثناء الفسحه ، مكتوب فيها أن خالد يحب عبير فسلمها للاستاذ حامد فقام الرجل بأعطاء روميو علقه معتبره امام حبيبته جولييت ثم كركرت ضاحكه .
ظلت الاخرى تستمع فى حنق وهى تنظر الى ثم تلتفت الى محدثتها مره اخرى ثم قالت وهى تخرج الهواء المنحبس فى صدرها من جراء الغيظ : عيال آخر زمن، لا ادب ولا تربيه، لكنها استدركت قائله لكن البنت دى شاطره ومؤدبه و الولد ده عايز يتربى . 

بعد مرور اكثر من ثلاثين عاما على الواقعه رأيت الاستاذ حامد صدفه ، سائرا فى الطريق بينما أنا أسيرفيه ، عائده من عملى وقد تجرأ الشعر الابيض على غزو رأسه و لم تجرؤ السنون على رسم خطوط الوهن على وجهه ، ظل وجهه كما هو الا ان جسده قد تنازل لها عن بعضٍ من استقامه ظهره فامالته قليلا للامام 
، لم يعرفنى الرجل بالطبع وحرصت أن أراقبه عن بعد حتى انى جافيت الجانب الذى يسير فيه واتجهت نحو الجانب الاخر مباعده المسافه بينى وبينه لاقصى مدى حتى كدت الصق جسدى بحوائط البيوت الواقفه على جانب الطريق. وكأنما احتمى بها .
أنتهت قصه أول رساله غرام تلقيتها فى حياتى ، وكنت حينئذ ٍ غافله عن معناها، ولم ينتهى احساسى بالذنب تجاه خالد ولا بالخوف من الاستاذ حامد .