07‏/01‏/2015

طفل المطعم

اقترحت علىّ زميلتى فى العمل... الخروج لشراء سندوتش فول للافطار،  فقلت لها : أخرج فى مثل هذا الجو القارص البرودة وأترك عملى ...من أجل سندوتش فول انها لتضحية كبيرة ......قالت : معلش عشان خاطر عصافير بطنى الجعانة ...مش عشانى أنا.... ذنبها فى رقبتك لو ماتت من الجوع .

وافقتها بعد ألحاح منها وبينما كنا واقفتان أمام المطعم فى انتظار البائع حتى ينتهى من اعداد الشندوتشات ...وجدت زميلتى تتمتم بالأسف وتكاد تبكى ...ثم تغمزنى وهى تلف بيدها رأسى فى اتجاهه ....يا الله ....طفل فى عمر السابعة تقريبا يجلس ملصقا ركبتيه على الأرض وامامه سبت ملئ  بالبطاطس وضع أمامه لتقشيره....وقد أجلسه صاحب المطعم على الرصيف ليقوم بتلك المهمه أمام المحل  فى عز البرد .....

تأملناه بينما هو لم ينظر الينا ولم يلحظ نظراتنا المصوبه نحوه ونحن نمصمص شفاهنا على سوء حظه وفقره الذى أوقعه فى يد من لا يرحم .....

 هل رأى أطفالنا المدللون هذا الطفل ليكفوا عن البطر والتذمر وطلب المزيد من الأشياء التافهة لمجرد تقليد أندادهم ..ان هذا الطفل مأساته ليست فى كونه يعمل فى هذا السن المبكر هذا العمل الشاق وفقط  .....بل قد يكون من الجيد تعويد أطفالنا على العمل وتحمل المسؤلية بالقدر الذى يتناسب مع أعمارهم ....ولكن المأساة فى افتقاده للحنان والرعاية ...فأى طفل يحرم منهما تتشوه فطرته وتعتل صحته النفسية

لن أنس المرة  التى جلست فيها مع احدى المسؤلات عن دار رعاية الايتام وكنت اتبرع بمبلغ من المال .... فعرضت على الدخول للاطفال لمشاهدتهم ...صراحة ....قبلت على مضض لانى لم أر من ضرورة لفعل هذا ...فهم فى أعمار صغيرة لا تتجاوز الثلاث سنوات يحتاجون للمال الذى أتصدق به ولن تنفعهم رؤيتى لهم بشئ !!!!!

...لكننى وافقت فى النهاية ....وما ان فتحت المشرفة باب  غرفتهم الخالية من الفرش الا من سجادة سميكة تغطى البلاط .... الا وجدت  اكثر من عشر أطفال يمسك كل واحد منهم بلعبة.. و ثلاثة  أطفال منهم ما ان رأونى ....حتى ألقوا ما يمسكون به من لعب بعيدا واندفعوا تجاهى يتسابقون  فى الوصول لحجرى وحضنى بعد أن جلست على الأرض ....فرفعت الأول الى صدرى  فبكى الثانى ومد يديه الصغيرتين لى متوسلا كى أحمله  والثالث ارتضى بالتقوقع فى حجرى .....

لا حول ولا قوة الا بالله .....فهمت الان ان "المال " وحده ليس كافيا .....انهم يحتاجون "لقلوب " تحتويهم بالحب "ويد " تمسح على أجسادهم بالرفق  ....ليتنا نصطحب أطفالنا حين نذهب الى دور الايتام ليحمدوا الله على ما هم فيه من نعمة وليكفوا عن التذمر والتدلل السخيف ....ليتنا ننظر لأطفال الشوارع  ...كأفراد بعين العطف وكمجتمع بعين الرعاية ....وليتنا نفكر فى كفالة الايتام.... لكن ليس بالمال فقط.... بل ببذل الحنان والرعاية لهم وكأنهم فرد من عائلتنا .

و لك الله يا طفل المطعم يا من هيجت الشجون وأطلقت الألسن لتستغفر الله وتحمده . 

ليست هناك تعليقات: