22‏/10‏/2011

الحاج عاطف



لم اعلم ان الشمس والقمر بعد خصام طويل قد اتفقا على التلاقى فى وجه انسان حمل اشراقه الشمس فى بذوغها ونور القمر فى ضيه
انه وجه الحاج عاطف الذى يتحدث عنه  جميع الحجاج العائدون الى وطنهم بعد اداء الفريضه المباركه

 كان وجهه انعكاس للروح الطيبه التى تسكن جسد الشاب ذو الثلاثين ربيعا ،  يتحرك ذهابا وايابا لخدمه الحجيج وقضاء حوائجهم حتى لينطفئ جسده هزالا من فرط جهده ويتقد وجهه نورا من جذوة التقوى الرابضه بقلبه.
كل واحد من الحجيج يكاد يجزم بان الحاج عاطف يوليه عنايه خاصه وعندما اجتمعوا على متن سفينه العوده قص الواحد للاخر موقفا او معروفا اسداه الحاج عاطف له. حتى تعجب الجميع كيف اتسع وقته وجهده وهو يؤدى المناسك  محرما مثلهم.. لخدمه كل هذا العدد من الحجيج ثم ختمنا الحديث بالدعاء له بالصحه وطول العمر

 مرة رأيته يحمل قطعا من القماش اشتراها من الحوانيت  حول الحرم المكى  وقال لى مداعبا ايه رايك  فيها.. تشترى؟ .... ضحكت قائله: زوقها قديم اوى....قال دى عشان امى فى البلد فقلت له اوعى تنسى المدام لحسن تزعل منك.. فرد ضاحكا وانا اقدر.... طبعا عامل حسابها هى واحمد وحسين اولادى فلذات اكبادى...ثم سالنى ما تعرفيش كارت التليفون استعمله ازاى ؟ اخذت الكارت منه وادخلته فى المكان المخصص فى الهاتف ووقفت خلفه ارشده لباقى الخطوات  وصل رذاذ الحديث الى اذنى فسمعته يتحدث ال اهله بود وحنين  يسال عن اولاده ويخبر زوجته باشتياقه اليها.. قلت فى سرى : نعم خيركم...خيركم لاهله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

انتهت المناسك وعاد كل منا لبلده وتفرقت بنا السبل واحتفظنا بارقام التليفونات للتواصل بعد العودة وكان هاتفنا يرن فى كل مناسبه للاعياد آتيا بصوت الحاج عاطف يهنئنا بالعيد

كانت صوره الحاج عاطف فى اعماقنا يران عليها  فى الذاكره بتراكم الصور فوقها ولكنها تظل موجوده
 وعند كل عيد... تطفو الصوره من جديد على السطح لنمسك سماعه الهاتف  ونحدثه ونطمأن على احواله
 ويوما طلبنا الرقم فجاء صوت زوجته فهنئناها بالعيد ثم سالنا عنه فاجابت: تعيشوا انتم ، ابت الاذن ان تصدق الجمله فواصلنا الحديث وكاننا لم نسمعها...لعله على خير قالت مكررة الجمله اللعينه:  تعيشوا انتم.. تماسكنا حتى اخرجنا من فمنا عبارات التعازى والمواساه ثم اغلقنا الهاتف  دون ان نعرف كيف حدثت الوفاه ......لنفتح باب اعيننا للدموع التى احتشدت خلفه لتخرج ونفتح المجال لقلوبنا ان تتوجع ولخيالنا ان يتصور... ان وفاته لم تكن عاديه بل كانت عملا بطوليا يليق بمرؤته فالشاب كان  امين شرطه بالداخليه وكان موفد ضمن بعثه الحج للقيام على شئون الحجيج وقد قام بمهمته معنا واخلص واجاد...وقياسا على ما عرفنا عنه فهو بطل ايضا فى كل ميدان يتواجد فيه وبعد ان كانت الذاكره تغوص وتطفو  بوجهه  اصبحت صورته معلقه على جدار قلوبنا ندعو لها عقب كل صلاه بان يجعل صاحبها فى اعلى الجنان .

هناك تعليقان (2):

فاطمه إبراهيم عمر يقول...

عندما نجد هذه النماذج فى حياتنا تعلمنا الكثير والبعض لا يدرك قيمتها الا بعد ان تفارقه ..القصه تتعرض لقيمه رائعه..غير انى ولاسباب لا تخص قصتك ولكن للظروف الراهنه..حيث صدمتنى كلمة"امين شرطه"حيث يواكب احداث يبدو كأنها تنظيف وجه الشرطه الملوث ..وهذا ليس عيبا فى الكتابه لكن فى توقيت النشر..وعفوا يا عبير.

عبيرأمين يقول...

كل مجال يضم الفاسد والصالح... وهذا لان التعميم يزعجنى والظروف الان تحتاج لم الشمل ثم معالجه ما افسدته السنون الغابره.... سعيده بكل ما تقوليه يا فاطمه سواء اتفقنا او اختلفنا